٢٨‏/٦‏/٢٠٠٩

يوميات متدين 2

"لاتنسى الليله".........

كم يشتاق لهذه الليله .. إن اخر ليله كانت منذ شهر مازال يذكر منذ شهر الموسيقى الليليه المنفرده التي عزفها أحد أصدقائه من اصحاب الانوف الموسيقيه عندما نام قليلا ...
يبتسم يخرج هاتفه المحمول يطلب رقمه بعد رنين طويل ...." حبيبي لا تنسى الليله ".

ينهي عمله في الرابعه و النصف أمامه ساعه و نصف حتى يصل إلى بيته بالطبع سيقضى الطريق نائما إنها ليله لن تتكرر إلا بعد شهر و يريد ان يكون في كامل نشاطه .
لقد أتفقوا على صيام هذا اليوم و الأفطار معا... لم يكن صائما .. يعقد النيه على أن يخدم أصحابه لعله يحصل بعضا من الأجر الذي فاته.
يصل بيته في السادسه أمامه ساعه و احده يتجهز بسرعه ...
مصحفه ...ساعته ... حذائه الرياضي ...قلبه المشتاق....

يترك هاتفه المحمول على المنضده يبتسم لوالدته لا أريد الدنيا معي الليله.
يخرج مسرعا من شدة الفرح يكاد يطير ...

يدخل المسجد يتنهد في هدوء إنه يشعر أنه دخل روضه من رياض الجنه ... لم يدخل الجنه و لم يعرف شكل روضاتها لكنه يجد قلبه هنا.
يصلي ركعتين ثم يسند ظهره إلى الحائط يخرج مصحفه و ينظر في ساعته قريبا سيحين موعد الأذكار.

"هل الملائكه تردد معنا الأذكار" كان يسئل والده وهو صغير ..... يشعر أن قلبه بدأ في التحليق........ لقد بدات الليله.
يجلسون على الأرض في حلقات لا تستطيع أن تفرق بين كبيرهم و صغيرهم إلا بشيبة في الرأس أو علامات الزمان على الوجه لافرق بين و جيههم و فقيرهم كلهم على الأرض حول بساط من البلاستيك أو الخوص يرددون معا دعاء الطعام.
يذكر عهده يضع مع أصدقائه أواني الطعام أرز و بطاطس يحاول أن يوزعها بعنايه ...
هل من الممكن ان يذهب المفطرون بالأجر.....

أنتهى الطعام و أمتلئت بعض البطون وأن الأوان لتخرج الدنيا من ليلتهم ....
يتحلقون حول شيخهم يحدثهم عن القرأن حديثا جميلا كلما أستمر الشيخ في حديثه كلما شد بيده على مصحفه الصغير و تمنى لو ان يشق له شقا في قلبه ليسكنه فيه...

مازال قلبه يحلق لم ينتبه من حالته تلك إلا على صوت المؤذن لصلاة العشاء ...
أصطفت الصفوف ... ثم أصطفت لصلاة ركعتين ... ثم أصطفت من جديد...
حان وقت النوم قليلا ليعودوا للصلاة من جديد ...

لم ينسى أن لا ينام إلى جوار صديقه ذا الأنف العازفه .. لكن العازفين كانوا في هذه الليله كثر....
نام أو كاد أن ينام ... ثم أصطفت الصفوف من جديد حتى صلاة الفجر.

بعد الفجر و الأذكار يرتدي كل منهم حذائه الرياضي إنه وقت الرياضه .... لم يجد يوما لعب كرة القدم ...لم يحزن وليس عليه أن يحزن فلا حزن هنا معهم أبدا ....

يجلسون في حلقه كبيره يتلون في هدوء دعاء الختام ثم ينصرفون ...
لقد انتهت الليله ...سيشتاق قلبه لها شهرا كاملا .

تمت

١٧‏/٦‏/٢٠٠٩

يوميات متدين 1

يسير في شارع سعد زغلول بقامته العاليه و عيناه الخضراوتين و شعره البني الداكن ..

يقلب ناظريه بين أصناف المعروضات في البترينات ..

إنه كلاسيكي بطبعه يلهي ناظريه بألوان البدل و أشكالها و أنسدالها على قوام المانيكان البلاستيكي الممشوق...


يلتفت فإذا بنظرتها تقتحمه...... نظرة مملؤة بالشهوه و الحاجه و الرغبة و الفتنه ... تتراجع نفسه للخلف قليلا يحاول أن يتذكر ذكره الذي ذاب على لسانه...... لعله كان يستغفر..... .


يهرب من نظرتها إلى البترينات من جديد يحاول أن يجمع شتات نفسه يتأمل رابطة العنق المربوطه بأناقه و القميص الحريري ذا الياقة البيضاء الناصعه ...


يلتفت فإذا بها ممده في كامل الشهوه ......

على لوحة أعلانات لم تضيء مصابيحها بعد لأن نور النهار الذي يكشف كل شيء لم يرحل بعد....


يتجاوز لوحة الأعلانات يسير لقد كان في فمه ذكر ....لقد نسيه....

يعلق نظره بالبترينات مجددا يتصفح الأقمشه و الهيئات و الاشكال ...


تفاجئه من جديد بقوامها الممشوق و ثوبها الشفاف و بياضها البلاستيكي الخادع إنها بنت حواء لا ينقصها إلا نفخة الروح التي تحيل الأموات إلى أحياء لعلها بنت حواء البلاستيكيه..... يتراجع خطوتين للخلف يبعد عينه ...........يسير ...

فإذا بها بنت حواء الحقيقيه ترميه بسيل من سهام تمزق رقيق قلبه ....

لم يتحرك الأن يدقق نظره بسرعه في بلاط الرصيف المرصوص بعنايه لعل السيل يجاوزه أو يجاوز هو السيل ...

يسير الأن يجر جراحاته يلتفت ....إنه أمام منشأة المعارف ينظر و يتنهد و كأنه الغريق نجا للتو ....يقلب أغلفة الكتب بناظريه ثم يدلف بسرعه إلى الداخل....

تفاجأه من جديد و لكنها هذه المره بشعرها الأشقر و عيناها السماويتين و نكهتها الغريبه عن هذه الأرض....

يفلت منها بسرعه يستنشق هواء المكتبه الممزوج برائحة الحروف ..


كم يحب الكتب ..... يتجول حول الأرفف إنه يحب التاريخ يذكر قول أستاذه له " وكأن التاريخ خلق من خلق الله حتى يظل الإنسان يتقدم و يرتقي دائماإلى الامام" في أخر زياره له لهذا المكان خرج ومعه كتاب محمد الفاتح...


"كانت هنا على هذا الرف" يحدث نفسه...

يدير بصره على الرف فلايجدها يتحرك للأمام خطوتين ثم يعود خطوتين للخلف ثم يقف أمام نفس الرف من جديد....

يقترب منه قيم المكتبه مبتسما هل أساعدك؟

يرد عليه بإبتسامته الساطعه : شكرا لك؟....كتب د/الصلابي كانت هنا ....

نعم كانت هنا لكنها نفذت (يحرك الرجل كتفيه لأعلى و يمط شفتيه )...

كلها...

نعم للأسف

كتاب زياره جديده للتاريخ للأستاذ هيكل

للأسف نفذ أيضا

كتاب صدام الحضارات لصموائيل هنجتون

أيضا للأسف نفذت كل الكميه ...

(ينظرإليه بيأس ) أي كتاب للشيخ الغزالي

للأسف مجموعة الغزالي كلها نفذت...

شكرا لك...

يتركه و يتجول لعله يجد صديقا جديدا......


كم يجد سعادته عندما يمرر أنامل اصابعه الطويله على صفحات الكتب لكنه اليوم يشعر بالملل...

على يمينه كتاب شهرزاد حين لاح الملل وعلى الغلاف صورة شهرزاد الفاتنه ...يبتسم بأستخفاف ثم يسير ...

تقع عينه عليه فجأه ... إنه يعرف صورته ...بعمته البيضاء و شاربه الوارف المفتول ...

كم يحب كتاباته ..هل هذه رواية الشاعر أم انها تحت ظلال الزيزفون ...أم إنها روايه جديده لم يعرفها بعد....

يخرج الكتاب من بين الكتب بلهفه... كانت مفاجأه له هل المنفلوطي له كتاب بهذا العنوان....

الفضيله أو ( بول و فرجيني) ......... يقلب الكتاب بين يديه ليجد مكتوبا على أول صفحاته ...


" يعجبني من الفتى الشجاعه و الأقدام.... و من الفتاه الأدب و الحياء ..لأن شجاعة الفتى ملاك أخلاقه كلها... و حياء الفتاه جمالها الذي لا جمال لها سواه.... فأنا أهدي هذه الروايه إلى فتيان مصر و فتياتها ليستفيد كل من فريقهما الصنف الذي أحب أن أراه فيه"

أبتسم ثم دفع ثمن الكتاب و خرج................